أموال السوق الموازية تؤرق الحكومة
اقتصادي

أموال السوق الموازية تؤرق الحكومة

 

تراهن الحكومة عبر وزارة المالية بالمقام الأول على مشروع الصيرفة الإسلامية وبرنامج تعميمها على البنوك العمومية لاستقطاب الكتلة النقدية الضخمة المتداولة على مستوى السوق الوطنية، والتي تأخذ أشكالا مختلفة من المعاملات المالية ضمن منطق الممارسات للمبادلات النقدية التي لا تدنو من المنظومة المصرفية والقنوات المالية الرسمية.

وفي ظل غياب ثقة المواطنين بهذا النوع من التعاملات البنكية، على خلفية السلبيات الكثيرة التي تعاني منها المنظومة، فضلا عن منطق التعامل بالفوائد التي عادة ما تأخذ وصف "ربوية"، تبقى التعامل مع البنوك العمومية بالمقام الأول باعتبارها تحوز على ما يربو عن 70 في المائة من حصة السوق، تسعى الحكومة ضمن استراتيجيتها الجديدة لتغيير هذا التصور لدى المواطن الذي يفضل الاكتناز والتعامل النقدي بدلا من الادخار البنكي والصك.

تصريح وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن، خلال كلمته على هامش تدشين وكالة للصيرفة الإسلامية تابعة لبنك "كناب"، يندرج ضمن تجسيد هذه التوجهات، بينما يكشف بأنّ البنوك الجزائرية ستوفر قريبا 30 نافذة وخدمة للصيرفة الإسلامية على مستوى مختلف وكالاتها على التراب الوطني، مستطردا بأنّ "هذه الخدمات ستسمح للمواطنين الجزائريين وللمتعاملين الاقتصاديين العودة بكل أريحية في نظامهم البنكي".

كما أكد الوزير على أن الصيرفة الإسلامية ستساهم في استقطاب الأموال المكتنزة عن طريق توفير كل الظروف لوضع أموالهم، خاصة أن كل البنوك بما فيها بنك التوفير والاحتياط "كناب" سيحصل على شهادة المطابقة من المجلس الأعلى للإفتاء، في إشارة إلى العمل على تجاوز الانتقادات ذات العلاقة بالتعامل بشبهة الربا لدى الولوج إلى المعاملات البنكية العمومية، باعتبارها أحد أهم أسباب العزوف عن التعاملات الرسمية.

وعلى هذا الأساس، فإن الحكومة ممثلة في وزارة المالية ستعطي الأولوية للبرنامج المقرر للصيرفة الإسلامية من أجل إقناع المواطنين من إيداع أموالهم لدى البنوك، وبالتالي استرجاع الكتلة النقدية الكبيرة التي تتداول على ما يطلق عليه بالسوق الموازية، من أجل القضاء على العديد من المشاكل تعاني منها المؤسسات المالية، وعلى رأسها إشكالية السيولة المالية التي تواجه مكاتب البريد، فضلا عن البنوك التي تحدث عنها الوزير بن عبد الرحمان في نهاية الأسبوع الماضي ووعد بإيجاد الحل لها خلال الشهر الجاري.

وتأتي هذه الخطوات لاستيعاب "أموال السوق الموازية" بعد محاولات متتالية فاشلة قامت بها الحكومات السابقة أملا لتحقيق هذا الهدف، كما هو الشأن بالنسبة للقرض السندي والتصريح الجبائي الطوعي، وغيرها من المساعي التي لم تحقق النتائج المرجوة، الأمر الذي دفع الخبراء في المجال المالي يلحون على ضرورة إصلاح المنظومة البنكية الوطنية وتقويم اختلالاتها قبل التفكير في هذا النوع من الحلول.

     

اقرأ من المصدر