طلاق
وطني

طلاق "غير رجعي" بين إخوان الجزائر والمغرب

 

ما لم يكن في حسبان تيار الإخوان في المغرب العربي أن يحدث حدث مؤخرا، وذلك بعد خطوة إخوان المملكة المغربية المتمثلين بحزب العدالة والتنمية، برئاسة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الذي جلس جنبا إلى جنب مع مائير بن شباط، ممثل حكومة إسرائيل، للتوقيع على اتفاق التطبيع الرسمي للعلاقات بينهما.

في البداية كان عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، بهجوم نادر وبألفاظ أخرجت العثماني وحزبه من جلودهم، بعدما وصفهم بشتى أوصاف الخيانة والعمالة والخذلان، قبل أن يلتحق المترشح الرئاسي السابق، عبد القادر بن ڤرينة، رئيس حركة البناء الوطني، مهاجما هو أيضا معتبرا القرار المتخذ من جانب "إخوان المغرب" شذوذا فكريا جعل من حزبهم (العدالة والتنمية) كيانا وظيفيا لخدمة أجندات ضارة بمصالح الأمة وبمصالح شعبهم وقواعدهم الانتخابية. وهذه المرة الأولى التي يهاجم إخوان الجزائر نظراءهم في المغرب، إذ كان حبل الود الواصل بينهما من أقوى الحبال، حتى أنه لم يكن يخطر على بال أحد هذا الانقلاب التاريخي. وعلى الرغم من نهل الطرفين من معين واحد وهو التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي يحاصر عربيا وإسلاميا منذ سقوط نظام الرئيس المصري السابق محمد مرسي في 2013، فقد بقي الجناح المغاربي الممتد من ليبيا إلى المغرب مرورا بتونس والجزائر، بمنأى عن لعبة الاحتواء والاستقطاب الذي كان يتعرض له هذا التنظيم في المشرق العربي، حتى وإن شكّل وقود الحرب الأهلية في سوريا قبل أن يختفي عن الأنظار بعد تأكد استحالة وقوع ما وقع في تونس وليبيا ومصر بعنوان ثورات الربيع العربي. وإن دأبت الأحزاب الإسلامية في الجزائر على القول في العلن اصطفافها خلف السياسة الخارجية للدولة، إلا أن قنوات الاتصال غير الرسمية بين رموزها ورموز نظيراتها في المنطقة المغاربية كانت تؤشر على غير ذلك، أي بالاتفاق والتفاهم المؤكد على "العمل فيما يتم الاتفاق عليه دون الالتفات إلى ما يمثل نقاط اختلاف أو خلاف". وما يدل على هذا، غياب أي اتصال بين التيار الإسلامي عندنا مع جبهة البوليساريو، أو ممثليها في الجزائر، باستثناء زيارة قام بها رئيس حركة مجتمع السلم السابق أبوجرة سلطاني لمخيمات تندوف للتغطية على زيارة وفد عنها إلى المغرب شهد خلالها لقاء سياسيا مغاربيا اخترقه المخزن بالدفاع عن ما يسميه وحدته الترابية وسيطرته على أراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.

 

قصة حقيقية

حدث ذلك في أواخر ديسمبر 2010 بتنقل وفد عن "حمس" مكوّن من رئيس الحركة آنذاك أبو جرة ورئيس المجلس الشوري عبد الرحمن السعيدي وأعضاء المكتب الوطني رضوان بن عطا الله (مكلف بالقضية الفلسطينية والقضايا العادلة) وزين الدين طبال (مكلف بالعلاقات الدولية)، مرفوقين بقيادات الحركة في تندوف، في زيارة عمل وصداقة لمخيمات اللاجئين الصحراويين، للتأكيد على وقوف جميع مكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية الجزائرية إلى جانب مساندة الشعب الصحراوي من أجل ممارسة حقه في الحرية وتقرير المصير، على أساس مبدأ مساندة نضال الشعوب المستعمرة. وتضمنت الزيارة التعرف على الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والتعليمية للاجئين. واختتمت الزيارة بلقاء مع الرئيس الصحراوي الراحل محمد عبد العزيز الذي استقبلهم بحفاوة كبيرة، بعدما كان الوفد قد التقى مع سكان وأعيان ولاية السمارة. كما قام الوفد بزيارة مدرسة المرحوم الشيخ محفوظ نحناح بدائرة امهيريز، إضافة إلى زيارة منظمة أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين، وإجراء لقاء مع رئيس المجلس الوطني الصحراوي والوزير الأول وأعضاء من الحكومة. وقبل ذلك، شارك أبوجرة على رأس وفد في وفد للمغرب بدعوة من حزب العدالة والتنمية، الذي لم يكن وقتئذ في الحكم، وبعد عودته تفاجأ أبوجرة بتصريح قيادي في حزب العدالة والتنمية، لقناة أجنبية يتواجد مقرها في لندن، يروج فيه لطرح المخزن الداعي لفرض مقترح الحكم الذاتي آنذاك على الصحراويين، بأن في الجزائر توجد أطراف مثل حركة مجتمع السلم تؤيده.ومنذ تلك الحادثة، سيّرت جمعية الإرشاد والإصلاح التابعة لـ"حمس" حملات دورية لنقل مساعدات إنسانية إلى اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف والمناطق المحررة في الصحراء الغربية. تاريخيا، لم يكن التيار الإسلامي أو الإخواني الجزائري وغيره متحمسا لميلاد جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "البوليساريو" في السبعينيات، على اعتبار أنها قائمة على أسس يسارية، وفي فترة كان التيار يتعرض للتضييق أو بالأحرى حربا معلنة من طرف السلطات الجزائرية التي كانت تتبنى الأيديولوجية الاشتراكية واليسارية في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، وهو ما أضفى برودة في التعاطي مع هذه الحركة التحررية.

 

اقرأ من المصدر