العالم

"قانون قيصر يُضر بالشعب أكثر من النظام السوري"

المحلل السياسي السوري عبد المسيح الشامي في حوار لـ''الخبر''

 

برأيك، ما الذي تتوقعه الولايات المتحدة من تطبيق قانون قيصر في سوريا؟

بات معلوما أن قانون قيصر لا يطال فقط النظام السوري، بل كل من يتعامل أو يتحالف معه بأي شكل من الأشكال، وهذه دلالة مهمة بأن القانون موجه لحلفاء سوريا، ولكل من يقدم العون لها، والهدف الرئيس في هذه القضية هو فرض أمريكا نفسها من جديد في الملف السوري بعد الانتصارات العسكرية التي حققها الجيش السوري بدعم مباشر وكبير من روسيا وإيران، أخرج أمريكا إلى حد كبير من اللعبة السياسية في الملف السوري، وهي الآن لا تحتفظ إلا بجزء صغير من النفوذ في مناطق شمال سوريا والأماكن الكردية، لكن في الإطار العام تعتبر أمريكا خارج اللعبة بحكم عدم وجودها ميدانيا، وباختصار قانون قيصر موجه للي ذراع حلفاء سوريا الأقوياء خاصة روسيا لكي تعطي لأمريكا ما أخذته في سوريا خلال 10 سنوات من التدخل العسكري.

 

 وهل يمكن أن تلجأ الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري لفرض نفسها من جديد في سوريا؟

لا أعتقد ذلك، فالتدخل العسكري لم يكن واردا عندما كانت هناك حرب عسكرية دائرة وقبول من طرف الدولة ومن قبل جزء من الشعب السوري، فهناك من طالبها حقيقية بالتدخل حتى أنه كان هناك غطاء عربي، لكنها لم تتدخل لأن المعادلة في سوريا معقدة جدا، والدخول في حرب عسكرية هناك يعنى الخوض في مواجهة مباشرة مع إيران وروسيا، وبالتالي ستكون القضية معقدة ومكلفة جدا على كل الأصعدة بالنسبة لأمريكا، التي تريد اليوم الوصول إلى أهدافها في سوريا من خلال قانون قيصر والعقوبات القاسية، التي يُمكن أن تؤتي بنتائج أفضل بكثير مما تأتي به الحرب العسكرية في سوريا.

 

وعلى الصعيد الداخلي كيف ستكون تداعيات القانون على الأزمة السورية؟ خاصة وأن العقوبات السابقة لم تنجح حتى الآن في ثني الأسد عن تغيير سياساته؟

قضية تغيير سياسيات بشار الأسد في سوريا أصبحت تقاس بموازين مختلفة تماما عما كانت عليه قبل الحرب، فالنظام لم يعد قادرا على اتخاذ قرارات منفردة، والسياسات السورية أصبحت مرتبطة بمجموعة من الحلفاء والمعطيات التي قد تفرض نفسها على الملف السوري، وقد لا تتطابق دائما مع رغبة الرئيس السوري ونظامه في نظم علاقاته مع الدول الخارجية خاصة أمريكا.

أعتقد أن هذه العقوبات يمكن أن تؤدي إلى ضغط كبير جدا على النظام السوري وحلفائه بالأخص روسيا، وقد تشكل بعض التراخي ومرونة كبيرة في التعامل مع الرغبات الأمريكية، ولكن لا أعتقد أن الأمر يمكن أن يؤدي إلى تغيير شامل لصالح الموقف الأمريكي، وأرجح أن يكون هناك تبادل للمصالح بين روسيا وأمريكا بعد القرار لأنه يطال مصالح روسيا في سوريا، وموسكو مضطرة للتعامل بواقعية مع الطلبات الأمريكية، وفي كل الأحوال لا يمكن الحديث عن حل سياسي في سوريا دون توافق بين أمريكا وروسيا،  ولا يمكن الحديث عن إعادة إعمار دون توافق روسي أوروبي أمريكي، والروس يعرفون هذه المعادلات جيدا، فقانون قيصر قد يكون  ورقة ضغط كبيرة ورسائل قوية لحلفاء سوريا. 

 

في ضوء سنوات الحرب الطويلة التي يرزح تحتها الشعب السوري، ألا يشكل تطبيق العقوبات تهديدا على الأمن الغذائي للمدنيين؟

التهديد الذي يشكله القانون على الأمن الغذائي والمعيشي للمدنيين هو أمر واقع، لأن العقوبات بشكل عام  تطال الشعوب أولا وليس الأنظمة الحاكمة التي لا تهتم لهموم شعوبها، وأعتقد أن نتائج العقوبات لن تنعكس على النظام الحاكم وبشار الأسد بدرجة أولى في سوريا، فالأنظمة لن تحرم نفسها من الأكل والشرب ولن تعيش بلا رفاهية، وبالتالي ستمس تبعات القانون الشعب السوري بالدرجة الأولى، وهذه هي مشكلة العقوبات التي لا تشكل ضغط حقيقي على الأنظمة بل على الشعوب والمصالح الاقتصادية والسياسية والكثير من الجوانب التي ترتبط بالشعب، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبا على الشعب السوري.

 

وعلى الصعيد الدولي كيف ستكون تأثيرات قانون قيصر على مكانة سوريا في المجتمع الدولي ؟

بالنسبة لارتدادات قانون قيصر على الوضع الدولي فيما يتعلق بسوريا، بحكم عملي كمنسق للعلاقات العربية الألمانية في البرلمان الألماني، وكوني رئيس المنظمة الألمانية الروسية السورية للتنمية وهي منظمة شبه حكومية، أعتقد أن القانون سيؤثر كثيرا، فنحن هنا في البرلمان الألماني والمنظمة أعدنا الكثير من الحسابات فيما يتعلق بالعلاقة مع الشخصيات السورية والنظام السوري وفقا لقانون قيصر والعقوبات التي يمكن أن تطال أي جهة تتعاطى مع سوريا، وهذا الأمر ينطبق على الحكومة الألمانية، فقد سنت قبل أيام قوانين جديدة في البرلمان الألماني تمنع بشكل مباشر التعاطي مع الرئيس الأسد ونظامه وأي جهة لها علاقة مباشرة معه، وقبله صدر قانون مشابه في البرلمان الأوروبي، لذلك أعتقد أن الأمر سينعكس كثيرا على العلاقات الدولية لسوريا،  ينطبق ذلك بشكل أقل على الحلفاء، فإيران معرضة سلفا للعقوبات في كل الأحوال وبالتالي لن يغير القانون من تعاملها مع سوريا، لكن روسيا أعتقد أنها تتعاطى بمنطق مختلف، فيه الكثير من الحذر، فبحكم تواصلنا مع سياسيين وبرلمانين ألمان وروس أعضاء في المنظمة الألمانية الروسية السورية للتنمية، نطل بشكل كبير على مطابخ السياسيات في روسيا، وبناءا على مواقفهم أعتقد أن موسكو أصبحت تتحسب وتتعامل بموقف مختلف يجنبها الوقوع في شراك قانون قيصر، حتى تتمكن من تمرير الكثير من مشاريعها في المنطقة والعالم.

اقرأ من المصدر