الموالاة القديمة تنتعش بفضل الدستور
وطني

الموالاة القديمة تنتعش بفضل الدستور

على الرغم من الضربات الموجعة التي تلقاها حزب جبهة التحرير الوطني خلال العشريتين الأخيرتين، وبعد أن كاد يختفي من الساحة السياسية جراء الحراك، إلا أن قيادته الحالية تمكنت من اغتنام "ثغرة" الاستفتاء على الدستور لينفذ منها مصرا على مقاومة التبدد.

مبررات "التعويل" على الأفالان وشريكيه في تحالف العهدة الخامسة المنكسر بفعل أمواج الحراك، أصبحت واضحة للعيان. هناك مخاوف من الفراغ الناجم عن غياب "الحزب الجهاز" من الساحة، خاصة منذ تنحي عمار سعداني قسريّا عن أمانته العامة بضغط من المحيط الرئاسي آنذاك، في أكتوبر 2016، على اعتبار أنه كان الناطق الوحيد المؤهل للتعاطي مع انتقادات المعارضة، وإذكاء الصراع مع رموزها السياسيين ومن يقفون وراءهم خلف الستار.

وعندما خرج ملايين الجزائريين لإسقاط العهدة الخامسة وتغيير النظام، لم ينج الأفالان من شعارات الإبعاد "أفالان ديڤاج". وقتها دافع الأفالانيون الساخطون على قيادتهم، عن أنفسهم بالقول إن الهاتفين بموت حزبهم هم خصومه من الأحزاب وليس الشعب في الجزائر العميقة، مشيرين بالأصابع إلى الغريمين التقليديين "الأفافاس" و"الأرسيدي".

بالمقابل، لم يكن الأفالان يخشى على نفسه من التيار الإسلامي، الذي تحالف معه على مدى الثلاثين عاما الماضية، وشكلا على مدى تلك الفترة تحالفا حكوميا وبرلمانيا في مواجهة الجماعات المسلحة ورافعي لافتة "من يقتل من؟"، إلى غاية مجيء الرئيس السابق في 1999 وأجلس الجميع حوله.

وكما في عدة مناسبات، يتمكن الأفالان، رغم موجة الرفض الشعبي وخاصة من جانب شريحة الشباب، من العودة مجددا، لكن هذه المرة من بوابة الدستور، الذي لم يتشاور بشأنه معهم رئيس الجمهورية الذي استقبل قادة كل الأحزاب تقريبا، باستثناء "الأفالان" و"الأرندي" و"تاج"، فضلا عن "الأرسيدي" و"الأفافاس" و"حزب العمال".

وردا على سؤال لـ"الخبر"، اعتبر المستشار المكلف بالإعلام، محمد عماري، أنه "لا خوف على مستقبل الحزب"، مشيرا إلى "امتلاكه قواعد شعبية واسعة وانتشارا كبیرا". وتابع: "لاحظتم أن التجمعات التي أشرف عليها الأمين العام، في إطار حملة الدستور كانت ناجحة، إذ أعادت الحزب إلى أحضان مناضليه، بعد سنوات من الاختطاف"، مشيرا إلى أن "الشعب يفرق بين ممارسات الفساد والإفساد لمسؤولين سابقين، وبين الحزب كعقيدة ومبادئ".

وواصل المتحدث باسم الأفالان معترفا بصعوبة التصحيح والتقويم نظرا لثقل التراكمات، إلا أن الأفالان، حسبه، يسعى لاسترجاع دوره في الساحة بخطاب أخلاقي بوجوه من الجيل الجديد.

وفي الاتجاه نفسه، يحاول الأرندي المنهك تنظيميا وشعبيا، نفض الغبار عن نفسه بمواجهة مع أنصاره المشتتين والمترددين في العودة مجددا إلى نضال غير مضمون النتائج، خاصة بعد وقوفهم خلف المرشح الرئاسي عز الدين ميهوبي ضد عبد المجيد تبّون!

من الناحية الأخلاقية، دفاع الأرندي عن دستور الرئيس تبون وسياسته غير مبرر، لاسيما بعد أن حسمت نتائج الانتخابات صراعا بين أجنحة السلطة، وأسقطت الأقنعة عن الأطراف التي راهنت على فوز ميهوبي، من إطارات سامية ووزراء وولاة ومسؤولين محليين، خرجوا من الباب الضيق فيما بعد.

ويتساءل المراقبون حول مدى قدرة مبادرة "المسار الجديد" التي يقف وراءها "الأرندي" بعنوان العودة من باب العزف على وتر المجتمع المدني على طي هذه الصفحة القاتمة.

وفي نفس المنوال، يجد حزب تجمع أمل الجزائر "تاج" نفسه، في وضع لا يحسد عليه، رغم تجديد واجهة قيادته، بإسناد رئاسته إلى وزيرة البيئة السابقة فاطمة الزهراء زرواطي، بعد أخطاء تنظيمية قاتلة ارتكبها رفقاء عمار غول في تأسيس الحزب بعد انشقاقه عن حركة مجتمع السلم في 2012.

وبعد أن كان يقف على حافة الانهيار بفعل رفض الحراك لوجوده، أصبح الأفالان اليوم قاطرة لمروجي وثيقة الدستور (مستفيدا من حبل الود الذي لم ينقطع بين المحيط الرئاسي، وقياديين بارزين خالفوا قرار دعم ميهوبي في الرئاسيات الماضية)، وذلك في مغامرة قد تقذف به إلى الساحة مجددا، في حال مرور الوثيقة بسلام في استفتاء 1 نوفمبر، أو تسقط قيادته أرضا في حال الانتكاسة، الأمر الذي ستكون له تداعيات مباشرة على المؤتمر القادم، الذي تتربص به عناصر عديدة داخل الحزب مترقبة الفرصة المواتية للانقضاض عليه.

 

اقرأ من المصدر